عن دار بلومزبري-مؤسسة قطر للنشر صدرت في عام 2012 الترجمة العربية لرواية "ما رأيكم في شكلي الآن؟" لكاتبتها رندة عبد الفتّاح ومترجمتها زوينة آل تويّه.
"ما رأيكم في شكلي الآن؟" الحائزة جائزة الكتاب المُميَّز للناشئة بأستراليا، رواية من 399 صفحة من القطع المتوسط، تخاطب الناشئة من خلال شخصيتها الرئيسة أمل عبد الحكيم. أمل، أسترالية المولد فلسطينية الأبوين، في السادسة عشرة من عمرها، تتمتع بشخصية مرحة وجريئة. عندما تقرّر ارتداء الحجاب تبدأ رحلتها الحقيقية في صراع الهوية، حيث عليها أن تثبت لمن حولها أن الحجاب ليس مجرد قطعة قماش، وأن تواجه القوالب الجاهزة والأفكار المسبقة عن الإسلام والمسلمين في مجتمع غربي يُضلِّله الإعلام والسياسة. هذا الصراع يضعها أيضاً في مواجهة نفسها ومبادئها وأخلاقها لتعيد التفكير في علاقتها بذاتها وبجارتها العجوز اليونانية السيدة "فاسيلي"، وزملائها في مدرستها الأسترالية "مكلينز جرامر" وعلاقتها بالناس من حولها.
بلغة جزِلة وأسلوب فكاهي سلِس وبسيط، يبتعد عن الصخب والاستعراض، ويناسب عمر أمل، تدخلنا رندة عبد الفتاح إلى عالم المراهقة على نحو شائق، وتسبر حياة أمل وأصدقائها آدم وجوش وإيلين وسيمون وياسمين وليلى، بشكل يجعل القارئ يحترم تجربة هذه المراهقة العربية في مجتمع غربي، فهي في النهاية تمرّ بتجارب قد يمر بها أي مراهق في أي مكان بصرف النظر عن الجنسية أو العرق أو الدين، فعلى الرغم من الخلفيات العرقية والدينية واللغوية المختلفة لأصدقاء أمل وغيرهم من شخصيات الرواية، يتجلَّى العنصر الإنساني على نحو مؤثر في العلاقة بين الجميع. وهكذا تصل أمل إلى قناعة وإيمان راسخين بأن قرارها ارتداء الحجاب يبقى قراراً شخصياً محضاً، وعلاقة خاصة بينها وخالقها، وأنها بسبب هذا القرار توصلت إلى معرفة ذاتها أكثر وإلى معرفة الجميع من حولها بشكل أفضل يبتعد عن النزق والحكم الجاهز.
وُلِدت رندة عبد الفتاح في أستراليا لأب فلسطيني وأم مصرية. وتعيش في "سيدني" مع أسرتها حيث تعمل في المحاماة. وقد حظي كتاباها "عشرة أشياء أكرهها في نفسي"، و"حينما كانت للشوارع أسماء" بتقدير كبير من القُرّاء والصحافة. ونُشرت كتبها في أكثر من خمس وثلاثين دولة. تعدّ عبد الفتاح من أهم كُتاّب أدب النشء والشباب ومن أكثرهم نجاحاً.
مقطع من الفصل الأول
(1)
داهمتني الفكرة بينما كنت أتمرَّن على جهاز المشي الرياضي في البيت، وأشاهد حلقة في مسلسل "فريندز" تُعرَض للمرة التسعين.
إنه ذلك المشهد الذي ترتدي فيه "جنيفر أنيستون" ثوبَ عروسٍ بشعاً في حفل زفاف صديقها السابق. الكل يهزأ منها وتودُّ لو تهرب وتختبئ. ثم فجأةً تواتيها الشجاعة لتقفز فوق المنصَّة وتغني أغنيةً ما اسمها "كوﭙاكابانا"، أيَّاً ما يكون معناها. أقول لكم، إن هذا المزيج من الحماسة والقوة والاقتناع هو ما جرى في عروقي لحظتها. ضغطت زرَّ الإيقاف للطوارئ، ووقفتُ ببنطالي "الأديداس" القصير والـ"تي شيرت" الذي يحمل صورة "ويني ذي ﭙو"، مأخوذةً تماماً بذلك المشهد. كان ذلك أشبه بأن أخطو إلى خارج غرفة، مغلِقةً الباب ورائي؛ لأخطو إلى غرفة أخرى. في دقيقة واحدة كان ذلك آخر شيء في عقلي، ولكن الآن، وبعد أن تدفقت الشجاعة في داخلي، شعرت بأن الأمر صائب بشكلٍ لا يُصدَّق.
كنتُ مستعدةً لارتداء الحجاب.
ذلك صحيح. "ريتشل" في "فريندز" هي التي ألهمتني. سوف يعقد الشيوخ مؤتمرات طوارئ.
كان ذلك في الرابعة وثلاثين دقيقة بعد ظهر الأمس. إنها الآن الثالثة وعشرون دقيقة صباحاً، وأنا متمدِّدة فوق السرير، أحاول فهم ما إذا كنت مستعدةً حقّاً للمضي في قراري، بينما أشاهد شخصاً في التلفزيون يحاول إقناعي أنني أستطيع -بتسعة وأربعين دولاراً وتسعةٍ وتسعين سنتاً- شراء فتّاحة علب قادرة على تقطيع البطيخ.
لا أستطيع النوم من ضغط فكرة ما إذا كنت أمتلك الجرأة لفعل ذلك. أن أرتدي الحجاب؛ غطاء الرأس، طوال الوقت. "حجاب بدوام كامل"؛ هو ما أُطلقه أنا وصديقاتي المسلمات على الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب طوال الوقت، وهذا يعني أن ترتديه الفتاة عندما تكون في حضرة ذكورٍ ليسوا من أفراد أسرتها الصغيرة. "حجاب بدوام جزئي"؛ مثلي، نرتدي الحجاب كجزء من زيِّنا في المدرسة الإسلامية أو حينما نرتاد المسجد.
بقيت أربعة أيام من إجازتي المدرسية. أربعة أيام لأقرر ما إذا كنت سأبدأ الفصل الثالث في مدرسة "مكلينز جرامر" فعلاً بحجاب بدوام كامل أم لا. ينبغي أن تعرفوا الآن أن فكرة دخولي المدرسة مرتدية الحجاب تجعل شعر أنفي ينتصب.
وفي هذه المرحلة ربما ينبغي أن تعرفوا أيضا أن اسمي أمل محمد نصر الله عبد الحكيم. يمكنكم أن تشكروا أبي وجدي لأبي وجدي الأكبر على هذا. نعتتني المعلمات بالبطيئة في الروضة؛ لأنني كنت آخر طفلة تتعلم أن تتهجَّى اسمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق